ترامب يأمر بإعادة فتح سجن الكاتراز: خطوة نحو الردع أم استعراض سياسي؟

pexels-kelly-1179532-11815986-scaled ترامب يأمر بإعادة فتح سجن الكاتراز: خطوة نحو الردع أم استعراض سياسي؟

في قرار أثار جدلًا واسعًا داخل وخارج الولايات المتحدة، أصدر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا رسميًا بإعادة فتح سجن الكاتراز الشهير، الذي يقع على جزيرة قبالة سواحل سان فرانسيسكو، بعد أكثر من 60 عامًا على إغلاقه، ووفقًا للتصريحات الرسمية، فإن الهدف من القرار هو احتجاز “أخطر المجرمين وأكثرهم عنفًا”، بما في ذلك المتورطين في الجرائم المنظمة والجرائم المتكررة، بالإضافة إلى مهاجرين غير شرعيين اعتُبروا خطرين على الأمن القومي.

سجن الكاتراز المعروف باسم “الصخرة”، كان يُستخدم من 1934 حتى 1963 كأحد أكثر السجون تحصينًا في أمريكا، استضاف بعضًا من أشهر المجرمين مثل آل كابوني، و”بيردمان” روبرت ستراود، وأُغلق بسبب تكاليف صيانته المرتفعة وتدهور بنيته التحتية، وتحول لاحقًا إلى معلَم سياحي وإحدى أبرز نقاط الجذب في مدينة سان فرانسيسكو.


إعادة فتح الكاتراز يُمكن أن يُستخدم كرسالة قوية للمجرمين بأن الدولة جادة في محاربة الجريمة، كما أن تخصيص منشأة لعزل المجرمين الأكثر عنفًا قد يقلل من العنف داخل السجون الأخرى، بالنسبة لبعض مؤيدي ترامب، يُمثّل القرار عودة “النظام الصارم” ومحاربة الفوضى والانفلات، في حال طُبق فعليًا، قد يخفف من الضغط على سجون أخرى تواجه اكتظاظًا شديدًا.

على الرغم من ذلك فإن الكاتراز يحتاج إلى ترميم شامل، لا توجد بنية تحتية عاملة حاليًا (كهرباء، مياه، صرف صحي)، مما يجعل المشروع مكلفًا للغاية، كما أن الجزيرة تُعد معلمًا سياحيًا يزوره أكثر من مليون شخص سنويًا، وتحويلها لسجن من جديد سيضر بالسياحة المحلية والاقتصاد، ناهيك عن أن الجزيرة محمية طبيعية، وإعادة استخدامها كسجن قد تواجه اعتراضات قانونية ومجتمعية قوية، بالإضافة إلى أن السجن سيئ السمعة قد يُعيد إلى الأذهان فترات من القمع، وقد يُستغل سياسيًا لتغذية خطاب الخوف.

قرار ترامب بإعادة فتح سجن الكاتراز هو بلا شك مثير للجدل، فهو يحمل بُعدًا رمزيًا وسياسيًا واضحًا، وقد يروق للبعض كخطوة لاستعادة “النظام”، لكنه في الواقع يصطدم بتحديات قانونية واقتصادية وواقعية كبيرة، أما مسألة ما إذا كانت السجون الكثيرة تردع الجريمة، فالإجابة الأعمق تكمن في سياسات أوسع تتجاوز القضبان والجدران.

رغم أن بناء سجون جديدة يُمكن أن يساعد في حل مشاكل مثل الاكتظاظ، إلا أن الدراسات الحديثة تُظهر أن زيادة عدد السجون وحدها لا تؤدي إلى انخفاض الجريمة، إلا إذا رافقتها إصلاحات في: نظام التعليم والتأهيل داخل السجون، ومعالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للجريمة، ومكافحة الفقر والإدمان والتشرد، وتطوير الشرطة المجتمعية والوقاية الاستباقية، بمعنى آخر الردع الحقيقي لا يتحقق فقط بالقوة بل بالإصلاح الشامل.

موقع إرسال