
في عالم يزداد ازدحامًا بالضغوط والتوترات اليومية، أصبحت النُكتة وسيلة لا غنى عنها لتخفيف العبء النفسي والاجتماعي، لكنها ليست دائمًا بريئة، فقد تكون سلاحًا ذا حدين، تبني وتُضحك، أو تهدم وتُحرج، وهنا نستعرض تأثير النُكت في المجتمع من زاويتين: دورها الإيجابي في تحسين العلاقات والمزاج، وخطرها عندما تتحول إلى سخرية مؤذية.
النُكتة تخلق بيئة مرِيحة عبر الضحك، مما يُحفز الجسم على إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين ويُقلل من التوتر، وهذا يجعلها علاجًا طبيعيًا مجانيًا للتوتر والإجهاد.
تُستخدم النُكت في كسر الحواجز بين الأشخاص، خاصة في اللقاءات الأولى، وتعزز الشعور بالأُلفة والانتِماء، والدُعابة المشتركة دليل على الانسجام الفكري والاجتماعي.
بعض النُكت تحمل في طياتها رسائل ذكية، وتُنتقد بها ظواهر اجتماعية أو سياسية بطريقة ساخرة، ما يجعلها وسيلة فعالة للتوعية دون المواجهة المباشرة.
ولكن ليس كل ضحكٍ صادق، أحيانًا يضحك الناس مجاملة أو هروبًا من الإحراج، بينما النُكتة تترك أثرًا نفسيًا سلبيًا عميقًا، خاصة إن كانت موجهة إلى شخص بعينه، فعندما تُستخدم النُكت للسخرية من شخص ما بشكل متكرر، تتحول إلى نوع من التنمر العاطفي، وقد يتفاقم الأمر إذا بررهُ الآخرون بعباراتٍ مثل “لا تأخذها بجدية”.
أحيانًا لا تكون النُكتة مجرد وسيلة للضحك، بل وسيلة غير مباشرة للتعبير عن مشاعر دفينة مثل الحسد أو الغيرة، فقد يُلقي أحدهم نُكتة على نجاح صديق أو مظهره أو وظيفته في ظاهرها مضحك، لكنها في باطنها تحمل رسالة مبطنة، ربما تقول: “لماذا ليست أنا؟”.
في هذه اللحظات تتحول النُكتة إلى مرآة تعكس صراعًا داخليًا، وتُعبّر عن ما لا يُقال صراحةً، وهنا يكمن التحدي؛ أن نُميّز بين الدعابة البريئة، وبين السخرية التي تغلفها الابتسامة وتُغذيها مشاعر خفية.
النكتة ليست مجرد دعابة، بل هي مرآة لعقلك وثقافتك واحترامك للآخر، استخدمها لبناء اللحظات الجميلة لا لهدم الثقة، ففي زمن ازدادت فيه القسوة، قد تكون نكتة رقيقة كفيلة بتغيير يوم أحدهم للأفضل أو للأسوأ، وما يُضحك صديقًا قد يُحرج زميلًا، وحبذا لو انتقدت الظواهر لا الأفراد.
موقع إرسال